أزمة الصحافة المعاصرة: بين تجاوزات المشاهير وتصدع الجسم الصحفي
أزمة الصحافة المعاصرة: بين تجاوزات المشاهير وتصدع الجسم الصحفي
طنجة نجوم بريس
جمال العروسي
في مشهد يعكس عمق الأزمة التي تعيشها الصحافة اليوم، وقف مصور من موقع “آش نيوز” وحيداً أمام اعتداء صارخ، حين قررت الفنانة دنيا باطمة أن تحول رفضها للتصريح إلى هجوم على كرامة الصحفي ومهنيته، فاستبدلت الحوار المتحضر بضرب الميكروفون وسيل من العبارات المسيئة.
هذه اللحظة المؤلمة لم تكن مجرد تصرف فردي عابر، بل هي تجسيد واضح لمأزق العلاقة المتوترة بين الشخصيات العامة والإعلام. فبينما يسعى الصحفي لأداء واجبه المهني في نقل الحقيقة للجمهور، تتعامل بعض الشخصيات مع هذا الدور بازدراء، متناسية أن حريتها في رفض التصريح لا تمنحها الحق في انتهاك كرامة الآخرين.
لكن الجرح الأعمق في هذه الواقعة تمثَّل في صمت الزملاء المهني المريب، ذلك الصمت الذي يكشف عن تفكك خطير في قيم التضامن المهني. وقفوا شهوداً على إهانة زميلهم، ثم استأنفوا عملهم وكأن شيئاً لم يكن، متسابقين للحصول على “سبق صحفي” على حساب كرامة مهنتهم.
ما نشهده اليوم ليس مجرد اعتداء فردي، بل هو تعبير عن أزمة هيكلية في المشهد الإعلامي المعاصر: صحفيون يتنافسون بدل أن يتكاتفوا، ومشاهير يعتقدون أن شهرتهم تمنحهم حصانة ضد المساءلة، ومؤسسات إعلامية تغض الطرف عن انتهاكات كرامة منسوبيها.
إن الدفاع عن حرية الصحافة يبدأ من الدفاع عن الصحفي نفسه، ذلك الإنسان الذي يقف في الميدان حاملاً كاميرته أو ميكروفونه، مواجهاً التحديات لإيصال الحقيقة. حين تُنتهك كرامته دون أن يحرك ذلك ضميراً مهنياً، فإننا نكون قد فقدنا روح المهنة قبل أن نفقد حريتها.
لا يمكن لصحافة مهزوزة داخلياً أن تدافع عن الحقيقة في الخارج، ولا يمكن لصحفيين يتخلون عن بعضهم أن يطالبوا المجتمع باحترامهم. إما أن نعيد بناء جسم صحفي متماسك يقف بصلابة دفاعاً عن قيمه وكرامة منتسبيه، أو أن نودع مفهوم الصحافة الحرة التي تخدم المجتمع وتحمي الحقيقة.
#تضامني_اللامشروط_مع_كرامة_الصحافة