مسؤولية المواطن في تدبير الشأن المحلي بين الانتقاد والتقصير
مسؤولية المواطن في تدبير الشأن المحلي بين الانتقاد والتقصير
نجوم بريس المتابعة ابتهال
في ظل النقاشات المتواصلة حول الفشل الذي يصيب تدبير الشأن المحلي من قبل بعض المنتخبين، يطفو على السطح تساؤل جوهري: إلى أي مدى يتحمل المواطن العادي جزءًا من هذا الفشل؟ ففي الوقت الذي تتوجه فيه معظم الانتقادات إلى المنتخبين، سواء لسوء التدبير أو الفساد أو غياب الفاعلية، ينسى البعض أو يتجاهل أن هناك أوجه تقصير لا تقل أهمية من جانب المواطنين أنفسهم، الذين يُفترض أن يكونوا شركاء حقيقيين في العملية التنموية.
و يتحمل المنتخبون المسؤولية الأساسية في إدارة الشأن المحلي، إذ يُفترض أن يكونوا الأداة التنفيذية لتحقيق تطلعات الساكنة وتلبية احتياجاتها. لكن لا يمكن إغفال دور المواطنين الذين، وإن كانوا في أغلب الأحيان يشتكون من ضعف الأداء الحكومي، نجد بعضهم يتقاعسون عن أداء واجباتهم كمواطنين فاعلين.
هذه الإشكالية تتجلى في عدة مظاهر، مثل التهرب من أداء الضرائب المحلية أو المشاركة في التخطيط الحضري أو حتى الحفاظ على المرافق العامة. فكثير من المواطنين يتصرفون وفق منطق مصلحي ضيق، حيث يتمحور اهتمامهم حول تحقيق مكاسب شخصية ولو على حساب الصالح العام. هناك اعتقاد راسخ لدى البعض بأن الدولة والمجالس المنتخبة هي المسؤولة الوحيدة عن توفير كل شيء، دون أن يكون للمواطن دور يذكر في ذلك. وبهذا الاعتقاد، يسود منطق الانتظار والتذمر من أي تقصير حكومي. لكن في الواقع، هناك نسبة كبيرة من المواطنين يفضلون الاستفادة الشخصية على حساب الآخرين، ويستغلون أي فرصة لخرق القوانين أو تجاوز النظام، سواء كان ذلك من خلال التهرب من الواجبات المدنية أو انتهاك حقوق الغير.على سبيل المثال، يتفنن البعض في الاستيلاء على أراضٍ عامة أو موارد مشتركة دون وجه حق، مستغلين بذلك ضعف الرقابة أو حتى تواطؤ بعض الجهات الرسمية. هذا السلوك لا يؤدي فقط إلى تفاقم الفساد، بل يسهم أيضًا في تدهور الثقة المتبادلة بين الأفراد والمجالس المنتخبة، مما يعرقل أي جهود للتنمية المحلية المستدامة.
و قد ادلا احد المواطنين بالتصريح التالي :يجب أن يدرك المواطن أن المجالس المنتخبة ليست هي الفاعل الوحيد في معادلة التنمية، وأن أي مشروع محلي لن يُكتب له النجاح دون مشاركة المواطن بفاعلية. فالمواطن، من خلال تصويته، انخراطه في جمعيات المجتمع المدني، وحتى بسلوكه اليومي، له تأثير مباشر على نجاح أو فشل أي مشروع. كما أن احترام القوانين، الحفاظ على المرافق العامة، وتقديم المقترحات البناءة تعد من أهم الأدوار التي يمكن للمواطن القيام بها لتعزيز الشأن المحلي.
إن الإصلاح المنشود يتطلب إعادة صياغة العلاقة بين المنتخبين والمواطنين على أساس شراكة حقيقية، حيث يتحمل كل طرف مسؤولياته دون تنصل أو تهرب. وفي هذا الإطار، يجب أن تتضمن الإصلاحات جوانب توعوية تحث المواطنين على المشاركة الإيجابية في اتخاذ القرارات المتعلقة بمستقبلهم ومجتمعاتهم.و لا يمكن لأي مجتمع أن يحقق تطورًا حقيقيًا إذا لم تتكامل جهود جميع الفاعلين، بدءًا من المواطن البسيط وصولاً إلى أعلى هرم السلطة. لذا، ينبغي على الجميع أن يدركوا أن النجاح أو الفشل في تدبير الشأن المحلي ليس مسؤولية فرد أو مؤسسة بعينها، بل هو انعكاس لمستوى وعي المجتمع ككل. ومن هنا، فإن التحول إلى مجتمع يضع المصلحة العامة في صدارة أولوياته سيظل التحدي الأكبر الذي يواجهنا جميعًا.